تراجع الولادات 40%…. والعقم الطوعي خيارٌ أمثل
“تراجعت معدلات الحمل في لبنان عام 2021 بأكثر من 30% عن العام الذي سبقه، فيما يتوقع أن تسجل الأرقام للعام 2022 مزيداً من التراجع تماشياً مع ارتفاع معدلات الفقر المدقع، والتي تشكّل عائقاً أمام قرار الإنجاب” بحسب رئيس دائرة طب الأطفال في الجامعة اليسوعية في بيروت د. برنارد جرباقة.
فالصعوبات المعيشية التي يعيشها اللّبنانيون والأزمات المتتالية التي ضربت البلاد، جعلت من الأمومة والأبوة حلماً بعيد المنال.
ويقول جرباقة لـ”أحوال” أن “لبنان يعاني منذ أواخر عام 2019 من أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تاريخه، إضافة إلى جائحة كورونا، وما تلاها من انفجار المرفأ الذي دمّر العاصمة بيروت، والمشاكل الأمنية والسياسيّة التي يعاني منها، ويضاف إلى كل ما سبق تسارع وتيرة هجرة الشباب، وتجلّت المآسي بتراجع معدلات الزواج والانجاب”.
ويتابع، “أزمات لبنان المتداخلة أدّت إلى انحدار نسبة الولادات فتراجع معدلها عام 2021 مابين 20% إلى 40%عن العام 2020. وذلك بسبب اشتداد الأزمات التي ضربت كل المقومات الأساسية لبناء الأسرة، خصوصاً بعد تدهور العملة الوطنية وتآكل القدرة الشرائية للمواطن وغياب تصحيح الأجور، وشهدنا مؤخراً تراجعاً في الإقبال على الزواج بنسبة 50%، أما المؤهلين فأكثر من نصفهم اتخذوا قرار العزوف عن الانجاب والاتجاه نحو العقم الطوعي، تجنباً لتوريط الأجيال الجديدة بالظروف القاهرة والصعبة ومن المستقبل المجهول الذي ينتظرهم”.
وعن الأسباب الرئيسية والمباشرة التي أدت إلى تراجع معدل الولادات في لبنان، يقول “لم يعد إنجاب الأطفال في متناول معظم الأسر اللبنانية بسبب التكاليف المالية الباهظة التي ترتب على عمليات التوليد، خصوصاً وأنّ شركات التأمين غير مستعدة لتحمّل فارق سعر صرف الدولار، وبالتالي أصبح أصحاب البوالص التأمينية يتحملون على كاهلهم فارق التكاليف”.
إضافة إلى التّحديات الحياتيّة اليوميّة التي طالت 75% من المواطنين اللّبنانين، ومنها أزمات الحليب والدواء واللقاحات والغذاء وارتفاع أسعارها، حيث ارتفع سعر عبوة حليب الأطفال من 12 ألف ليرة إلى 85 ألف ليرة تقريباً، في حين يتراوح سعر الحفاضات بحسب النوعية بين 230 ألف ليرة 330 ألف ليرة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية واللقاحات المخصصة للأطفال إن وجدت”.
ويؤكد جرباقة “إضافة إلى المشاكل التي قد تواجه الأم بحد ذاتها، فالأمهات يخفن من عدم تمكنهن من تأمين الأدوية اللازمة لهن سواء خلال فترة الحمل أو بعد الانجاب، وأيضاً موضوع فترة إجازة الأمومة في لبنان التي لا تساعد الأمهات العاملات على اتخاذ قرار الانجاب، خصوصاً وانّ الأوضاع الصعبة تفرض على الزوجين العمل من أجل تأمين متطلبات الحياة”.
وفي تشرين الثاني الماضي دقّت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» جرس الإنذار محذّرة من أن مستقبل أطفال لبنان الصحي بات على المحك جراء احتدام الأزمة الاقتصادية، وما رافقها من سوء في التغذية والرعاية الصحية.
وقد أشار تقرير المنظمة أن لدى 53% من الأسر اللبنانية طفلاً واحداً على الأقل، فوّت وجبة طعام في تشرين الأول مقارنة مع 37% من الأسر في نيسان من العام نفسه.
وتعكس الأرقام الوضع الخطير الذي يعيشه أطفال لبنان والذي يزداد صعوبة، حيث أن 80% يعانون من سوء الحال ومن صعوبة الحصول على الغذاء والدواء والرعاية الصحية الأوّلية، ما يؤكد أن ظاهرة “العقم الطوعية” في لبنان هي الوسيلة المثلى لتجنب تعريض حياة الأطفال للخطر.